فنانون تشكليون ومنصات التواصل الاجتماعي
تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي دورًا مهمًا في حياتنا اليومية،فقد غزت جميع المجالات لما توفره من خدمات تدريبية وتعليمية وترفيهية،وبات من الواضح أنها ستحل مكان أدوات التسويق التقليدي في المستقبل القريب القادم،وإن كان بعضهم يرى فيها خطرًا يهدد مجتمعاتنا ويخترق خصوصياتنا ،إلاأننا لانستطيع أن ننفي أو نلغي أهميتها في اختصار الوقت، والجهد،وبناء شبكة واسعة من العلاقات تتاح من خلالها تبادل الخبرات وتنمية الإبداعات.فكيف انعكس استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الحركة الفنية في دولة الإمارات العربية المتحدة؟
المبالغة في التسويق
تصرح الفنانة التشكيلية نجاة مكي بأنها مقلةٌ في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فهي تختار نشر الأشياء المهمة والمختصرة عبر حساباتها على منصات التواصل، وتضيف: “لا أنكر أهمية هذه الوسائل في انتشار الفنان والتعريف به في مختلف أنحاء العالم، إلا أن سلبياتها كثيرة فهي تسوق لمواهب مبتدئة بطريقة مبالغ فيها،وتجعل من أسماء صاعدة في مصافي فنانين عالميين، وهذا ينطبق على المجالات كافة وليس على الرسم بشكل خاص، فكثيرًا ما تُنسب بعض الأعمال العالمية المهمة لغير أصحابها، بإضافة بعض التعديلات عليها وتسويقها عبر منصات التواصل الاجتماعي على أنها إبداعات شخصية لفنانين مبتدئين، وتتابع: “أنا لاألغي مسؤوليتنا جميعًا في دعم المواهب المبدعة، ولكن ليس فقط من خلال هذه المنصات وإنما بإمكاننا ابتكار منصات أخرى، فعلى سبيل المثال يمكن أن نحول بعض الأماكن العامة مثل جمعيات التسوق الاستهلاكية إلى منصات تواصل فني، نعرض من خلالها أعمالًا فنية لأسماء غير معروفة وموهوبة في ركن مخصص، ننمي من خلاله التذوق الفني لدى مرتادي هذه الجمعيات ونعودهم على التفاعل مع الأعمال الفنية وقراءتها، ولا مانع من أن نوفر مساحة صغيرة ضمن هذا الركن للأطفال من أجل اكتشاف مواهبهم الفنية”.
أداة فعالة للتواصل
ويبين الفنان التشكيلي وضاح السيد:“من خلال تجربتي الشخصية في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، أجد أن هذه الوسائل تؤدي دورًا مهمًّا في مسيرة عدد كبير من الفنانين، فهي ساهمت في انتشار لوحاتي عالميًّا واستطعت أن أوصل رسالتي إلى عدد غير محدود من الناس، إضافة إلى عمق التفاعل الذي أجده من متابعي أعمالي على منصات التواصل وخاصة فيس بوك الذي يتغلب في أحيان كثيرة على تفاعل واهتمام زوار المعرض،إلا أن الموضوع لا يخلو من بعض السلبيات فالتكنولوجيا سلاح ذو حدين حالها حال أي إنجار أو اختراع علمي في العالم، فقد يلجأ بعضهم إلى انتحال أعمال الآخرين ووضع أسمائهم عليها، وهذه مشكلة كبيرة تحرم الفنان من حقه في الملكية للوحاته.
فرصة لتبادل الخبرات
في حين تؤكد الكاتبة والرسامة الإماراتية ميثاء الخياط على أهمية استخدام منصات التواصل الاجتماع بالنسبة لها وخاصة موقع “إنستقرام” الذي ساهم في زيادة انتشار أعمالها الفنية وساهم في بناء شبكة من العلاقات الواسعة،وفتح لها الباب لتبادل الخبرات مع الآخرين وتطوير قدراتهاوتنميتها، وهذا ما يجعلها متقدمة عن زملاء لها لا يستخدمون هذه المنصات وتضيف:”قد يشتكي كثيرون من اقتباس أعمالهم وتقليدها، إلا أنني لم أتعرض على الصعيد الشخصي لأي موقف من هذا القبيل، لذلك يجب علينا التعامل مع هذه المنصات بشكل جاد وأخلاقي حتى نرتقي بمستوى أعمالنا، ويجب أن نطور دائمًا خبراتنا فيما يتعلق بأدوات وبرمجيات النشر حتى نتمكن من الاستفادة من كل معطياتها، وبالتالي سينعكس ذلك على جودة الأعمال التي نقدمها ,من خلال هذه المنصات.
إحباط ملهم
ويعتقد الفنان الإماراتي راشد الملا أن بعض وسائل التواصل الاجتماعي تحتاج إلى ضوابط تحمي ملكية الصورة على منصاتهم، وتحفظ حق الفنان وهذا لا يلغي أنها نجحت في تأدية دور مهم في العملية التسويقية، وساعدت في تقليل حجم نفقات التسويق المباشرة، وهذا بحد ذاته منحى إيجابي،فضلًا عن أنها ساهمت في زيادة انتشار الأعمال الفنية ووصولها لشريحة كبيرة من الناس،ويضيف: “في أحيان كثيرة تسبب لي هذه المواقع بعض الإحباط،ولا سيما حينماأستغرق وقتًا طويلًا في ابتكار فكرة معينة، وأرها قد خرجت من قبل فنان غيري إلى حيز التنفيذ!كأن الأفكار تتوارد، ولكن بالوقت نفسه يلهمني الاطلاع على لوحات الفنانين لابتكار أفكار جديدة وتجسيدها على الورق”.
حاضنة لمواهب الشباب
تعبر أسماء وهي فنانة شابة من أصحاب الهمم عن أهمية وجود منصات تواصل اجتماعية تساعد في دعم مواهب الشباب وإيصالها إلى أكبر شريحة من الناس، فهناك الكثير من الإبداعات التي لم تر النور حتى الآن، ووجود منصة مثل “إنستقرام” سهل عليَّ كفنانة شابة وعلى آخرين مثلي موجودين في أماكن مختلفة، فهي تساعدني علىالاطلاع على الثقافات كافة، وعلى إيصال رسالتي الفنية إلى فئة كبيرة من الناس، فمن داخل شاشة هاتفي الصغير سأصل بزمن قياسي إلى آلاف الناس في كل أنحاء العالم، وسأكون قادرة على تسويق أعمالي مجانًا، ما يلزمني فقط محتوى جيد وقدرة على التعامل مع هذه التقنيات”.
تختلف الآراء حول تأثير منصات التواصل الاجتماعي فينا، وينتقدها بعضهم بشدة، إلا أن الحكاية مرتبطة بنا كبشر وبأخلاقيتنا في التعامل مع أي ناتج تنتجه التكنولوجيا والعلم، فإما أن نجعل منه أداة تطوير وتقدم،وإما أن نسيئ استخدامه فيكون بذلك أداة تدمير.
Leave a Comment